ناقشت الطالبة هالا ادريس مصطفى ابراهيم اطروحة الماجستير في تخصص التاريخ بعنوان "الحياةالاقتصادية والاجتاعية في قضاء جنين في الفترة (1214-1247/هـ1799م-1831) ".

 

يوم الاثنين الموافق:19 / 9 / 2011 

 

وتكونت لجنة المناقشة من:

1-      أ. د. نظام العباسي                   (مشرفاً ورئيساً )

2-      د. حماد حسين                        ( ممتحناً خارجياً / الجامعة العربية الامريكية )

3-      د. أمين أبو بكر                          ( ممتحناً داخلياً )

 

تمتع لواء جنين في أوائل القرن التاسع عشر  بأهمية كبرى نظرا ً للدور الفاعل الذي لعبه سكان اللواء في التصدي للقوات الفرنسية الزاحفة على عكا . و التي توجهت لاحتلال بلاد الشام بعد سقوط مصر في يد نابليون بونابرت . و قد أبدى السكان تماسكا ً كبيرا ً في وجه هذا الخطر الداهم ، منطلقين من اعتبار الغزاة كفاراً و أجانب يجب التصدي لهم و يجب إيقاف تقدمهم . و قد عزز لديهم هذه الروح سلسلة الفتاوى و الفرمانات الداعية للجهاد ،  و التي صدرت عن شيخ الإسلام ، و والي عكا أحمد باشا الجزار   موجهة إلى متسلمي ألوية القدس و نابلس و جنين .

امتد لواء جنين  خلال فترة الدراسة شرقا ً بين غور بيسان جنوب بحيرة طبريا حتى وادي الفارعة جنوبا ً . و من جهة الشمال تمر حدوده على طول الخط الممتد من جنوب بحيرة مرورا ً بمرج عامر جنوب مدينة الناصرة لتصل في الشمال الغربي إلى حيفا على ساحل البحر المتوسط . و من حيفا تتجه حدوده الغربية جنوبا ً مع خط الساحل حتى مصب نهر اسكندرون . أما الحدود الجنوبية فتمتد من مجرى وادي الفارعة شرقا ً مرورا ً بقرى : طمون، و طوباس ،  عصيرة الشمالية ، و  ياصيد ، و طلوزة ، وسيلة الظهر ، و دير الغصون ، لترجع من جديد لتسير مع مجرى نهر اسكندرون .

سمي اللواء نسبة إلى مركزه الإداري مدينة جنين التي قامت على أنقاض المدينة العربية الكنعانية عين جانيم بمعنى عين الجنائن . ذكرتها المصادر الأشورية و البابلية باسم عين جنيم . أما البيزنطيون فذكروها باسم جينا ، و في القرن السابع الميلادي خضعت المدينة للحكم الإسلامي ، و عرفت باسم جنينين ، ثم حرف الاسم فيما بعد و أصبح جنين.

تبع اللواء إداريا ً لولاية دمشق في معظم فترة الدراسة . إلا أنه كان يخرج أحيانا ً والي دمشق ليتبع إداريا ً لولاية عكا ، و خاصة في فترات حكم أحمد بشا الجزار ، و سليمان باشا العادل ، و عبد الله باشا الخزندار ، حيث استطاعوا بنفوذهم و قوتهم أن يخرجوا اللواء من إطار سيطرة ولاة دمشق .

   أما من الناحية القضائية فقد تبع اللواء لنائب الشرع في مدينة نابلس الذي كان بدوره يعين نائبا ً عنه في مدينة جنين . مفوضا ً إياه الصلاحية في حل بعض المسائل الشرعية ، و الفصل بين الناس في الخصومات . إلا أن الناس كانوا يرجعون بالدرجة الأولى إلى مشايخهم للفصل في الخصومات التي قد تنشأ بينهم. متحرجين من الذهاب إلى المحكمة في أكثر الأحيان .

تكون اللواء اجتماعيا ً من عدد كبير من العائلات . و كان للعشائرية دور كبير في الحياة الاجتماعية خلال الفترة المعنية بالبحث نظرا ً لغياب السلطة المركزية . و ستتطرق  هذه الدراسة للعائلات التي كان لها دور بارز على الساحة السياسية . و التي استأثرت بالمناصب الإدارية و العسكرية و الملكيات الكبيرة دون غيرها : كآل جرار و آل عبد الهادي. و التي لعبت أيضا ً دورا ً بارزا ً في التصدي للحملة الفرنسية المتجهة لعكا . مما أكسبها مكانة هامة عند السلطة العثمانية و ألقابا ً رفيعة .

تنافست العائلات المتنفذة في اللواء على زعامته و خاصة آل جرار و آل عبد الهادي . و امتد نفوذها لتنافس بعض العائلات المتنفذة على زعامة جبل نابلس و على رأسها آل طوقان . و استطاعت في عهد الشيخ يوسف الجرار و ابنيه أحمد و عبد الله الوصول إلى منصب المتسلمية في نابلس . مما أثار حروبا ً شرسة بين الطرفين أدت نهاية المطاف إلى إنهاك قوة آل جرار و صعود نفوذ آل عبد الهادي . خاصة بعد هزيمة آل جرار بعد هجوم عبد الله باشا الخزندار عام 1247 هـ / 1831 م على صانور معقل آل جرار ، و تدمير قلعتها . و قد عزز ذلك وقوف العائلة ضد الحملة المصرية التي دعمت منافستها أسرة عبد الهادي و زعيمها حسين عبد الهادي الذي كان نصيرا ً للحكم الجديد  . و قد أدى ذلك إلى تصاعد قوة العائلة على حساب العائلات الأخرى .

تعتبر الزراعة المصدر الاقتصادي الرئيس في اللواء ; نظرا ً لاحتوائه  مساحات سهلية واسعة تمثلت في مرج ابن عامر أهم السهول الداخلية في فلسطين . و سهل عرابة و سهل صانور . و قد اهتم السكان في اللواء بإنتاج عدد من المحاصيل الزراعية . أهمها شجرة الزيتون عماد الاقتصاد الزراعي في المنطقة

بالإضافة إلى الحبوب و الخضار المتنوعة .

سيطرت عائلات : آل جرار ، و آل عبد الهادي ، و آل ارشيد على مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية في اللواء . و أخذت توزعها على المزارعين مقابل حصة معينة كنظام المرابعة و المثالثة و الضمان . بالإضافة إلى التعهد بالعناية بالأرض ، و دفع الضرائب المترتبة عليها للدولة . كما ربى المزارع في اللواء أنواعا ً من الحيوانات أهمها الجمال و الأغنام و الماعز و الأبقار . معتمدين على المراعي المنتشرة في المناطق الجبلية . غير أن الزراعة عانت من عدة مشاكل : كالفقر و الجفاف و تذبذب الأمطار من عام لآخر ، و الأمراض  السارية ، و هجمات الجراد ، و غزوات البدو ،  و الحروب الشرسة التي شهدها اللواء . الأمر الذي هدد الزراعة بالخراب ، و بانتشار المجاعات بين السكان .

 لم يعرف لواء جنين صناعات متطورة خلال فترة الدراسة . و كل ما كان منتشرا ً فيه عبارة عن حرف و مهن بسيطة هدفها سد حاجات الناس الأولية من كساء و أدوات منزلية و غيرها . و من أبرز هذه المهن الحدادة و النجارة و صناعة الفخار و غيرها . أما من الناحية التجارية فتمتع اللواء بموقع متميز; حيث كانت تمر من أراضيه إحدى الطرق الرئيسة التي تربط الشام بمصر مرورا ً بمدن نابلس و القدس و غزة .مما جعل السكان يستفيدون من هذه الطريق في تصريف منتجاتهم خارج اللواء إلى المدن القريبة و خاصة مدينة نابلس .

 تألف اللواء اجتماعياً من طبقتين رئيستين هما : طبقة الملاك ، و تكونت من عدد قليل من الأفراد استطاعوا السيطرة على مساحات واسعة من الأرض على هيئة اقطاعات . استغلوها في الزراعة عن طريق توزيعها على الفلاحين لفلاحتها مقابل حصة يتفق عليها ، و دفع الضرائب المترتبة للدولة , أما الطبقة الثانية فعمادها الفلاحون الذين عملوا في الأرض  ، و شكلوا النسبة الكبرى من السكان .

تميز السكان  في اللواء بالترابط على مستوى العائلة و العشيرة و القرية،  و التعصب لأفراد العشيرة . غير أنهم انخرطوا في صراعات دائمة مع الأسر المتنافسة على المساحات الزراعية المتوفرة في اللواء ، و مصادر الماء ، و المناصب الإدارية الهامة فيه . إلا أن هذه العائلات رغم تنافسها و الصراعات القائمة بينها كانت تتحد في وجه الأخطار الخارجية . كما حدث في أثناء غزو نابليون بونابرت متناسية الصراعات التي كانت تحدث بينها .

انتشرت في منطقة الدراسة بعض العادات و التقاليد الحسنة كإكرام الضيف ، و إغاثة الملهوف ، و التضامن في وجه المصائب ، و التعاون في انجاز الأعمال و خاصة الزراعية منها . و كان الواحد منهم يهب لمساعدة جيرانه و أقاربه لإتمام أعمالهم دون انتظار أي مقابل . و تميزت المرأة في ملابسها بالاحتشام  نظرا ً لتمسكها بالعادات و التقاليد ، و بتعاليم الدين الإسلامي . و كانت بسيطة قليلة الزركشة و التطريز ;  لأن المرأة كانت لا تجد الوقت الكافي للتطريز حيث كانت تقضي معظم وقتها في مساعدة زوجها في العمل الزراعي . غير أنها كانت تهتم ببعض زينتها كاستخدام الكحل ، و الحناء ، و الحلي الذهبية و الفضية . أما ملابس الرجال فتنوعت حسب مكانتهم السياسية و الاجتماعية ، و المناصب الإدارية و العلمية التي كانوا يشغلونها ، غير أنها لم تكن تختلف عن الملابس في المناطق المحيطة . و تميزت ملابس الفلاحين بالبساطة و الألوان الداكنة . و مكنت طريقة تصميمها الرجل من حرية الحركة .

افتقرت منطقة الدراسة إلى الخدمات الصحية و التعليمية نتيجة إهمال الدولة العثمانية لها ، و اعتبار نفسها دولة عسكرية بالدرجة الأولى . و خروج هذه الخدمات عن واجباتها . و كان التعليم في اللواء تعليما ً دينيا ً . حيث توجه طلاب العلم إلى الكتاتيب التي أقيمت في المساجد أو في أماكن منفصلة بالقرب منها . و تركزت مناهج الدراسة فيها على مبادئ القراءة و الكتابة و الحساب . و عني شيوخها بتحفيظ الطلاب القرآن الكريم ، و كان الطالب يتخرج منها عند ختمه القرآن الكريم في حفل يقيمه ذووه ، يتناسب مع مكانتهم الاجتماعية و مستواهم الاقتصادي .

أما  من الناحية الصحية فكان السكان عرضة لانتشار الأمراض و خاصة الملاريا من حين لآخر . و لجأ المرضى للحصول على وصفات طبية يظنونها شافية من العطارين ، و الأطباء الشعبيين ، و أحيانا ً من المشعوذين . و كانت هذه الوصفات ترتكز على أعشاب استخدمت في علاج الأمراض كالبابونج و الزعتر و الميرمية . كما استخدمت الحجامة في علاج بعض الأمراض ، و التمائم و الخرز ، و خاصة الأزرق منه .

 

وفي ختام المناقشة اوصت اللجنة بنجاح الطالبة ومنحها درجة الماجستير بعد اجراء التعديلات.

 


عدد القراءات: 82