قام الباحث اياد احمد مصطفى ابوزنيط، الطالب في كلية الدراسات العليا بجامعة النجاح الوطنية، يوم الاثنين الموافق 19/5/2014 بمناقشة اطروحة الماجستير بعنوان "فكر الهزيمة لدى العرب بعد حرب 1967 وانعكاساته على التخطيط السياسي في مصر وبلاد الشام".

من يُمعن النَظرَ في أَمرِ هذهِ الأُمةِ العَربية، يُلاحظُ وبِكُل ألمٍ أنَّها تُعاني ومنذُ عقودٍ مضت مِنَ التراجُعِ المُستمر، والانحدارِ نَحوَ الهزيمة، والميلِ للاستسلام، بِحيث باتَ يشكُ الناظرُ في أمرِها أنها أصبحت أمةً لا تَكادُ تحيا بدونٍ تَبعيةٍ وانهزام، فَقد تَوالت عليها الهَزائمُ واحدةً تِلو الأُخرى، عَسكريةً و اقتصاديةً و ثَقافية و اجتماعيةً و فكريِّة، فتفرقت واضمَحَلت أسبابُ قوتِها وانتصارها، وصارت مَلامُحُ العَجزِ والفَشل واضحةً فيها لا يُمكن إخفاؤها، فَهيَ تُواجه واقعاً مأساوياً قد تَمتَدُ آثاره إلى تَهديدِ هوِيَتِها القَوميةِ والحَضاريِّة، فسلوكياتها أصبحت مثارَ تَساؤلٍ، وهزائمها المستمرةَ أضحت تدلُ على وجودِ حالةٍ فكريةٍ في صفوفِ مُعظمِ عامتها ونُخَبها تُشكِلُ الأرضية الخصبة للانحدار والتراجع، وهو ما يُسميهِ الباحثُ هنا "فِكرُ الهَزيمة".

وَقد عَرَّفت الدراسةُ فكرَ الهزيمة بأنَّه ذلكَ الإنتاج النظري لأُمةٍ ما، المصحوبُ بسلوكياتٍ تُكرسُ حالةَ التراجعِ والتدهور على كافة المستويات الاجتماعيةِ والسياسيةِ والثقافيةِ والعلمية، ويُرافقُه انحدارٌ حضاريٌ لتلك الأُمة بحيث تُصبحُ الفجوةُ بينها وبين الأممِ المتقدمة واسعةً إلى الحد الذي يُبقيها تابعة. وهو كلُ فكرٍ يتعارضُ وأساسياتِ النهوضِ المَعروفةُ علمياً أو المجربة عملياً.

انطلقت الدراسةُ من فرضيةٍ مفادها أنَّ فكرَ الهزيمة أصبحَ يستحوذُ على نصيبٍ كبيرٍ في الثقافة العربية الآن وعلى مختلفِ المستويات العسكريةِ والاجتماعيةِ والاقتصاديةِ والثقافيةِ والفكريةِ والإنسانية، بحيث باتت النُخَبُ السياسية والثقافية والفكرية بخاصةً الحكومات والأُطر الرسمية تتقبَلهُ وتتعامَلُ معه وتتخذه قاعدةً جدليةً أساسية في إِدارة الشؤونِ العامَّة تخطيطاً وتنفيذاً.

استخدمَ الباحثُ المنهج الوصفي التحليلي؛ لتوضيحِ مفهوم فكر الهزيمة ولاستعراض وبيانِ مُقوماتِه وصفاته والسلوكيات التي تدعَمهُ. والمنهج التحليلي لبيان أثر فكر الهزيمة على التخطيط ِالسياسي في مصرَ وبلاد الشام، وقد احتوت الدراسةُ على أربعةِ فُصولٍ وخاتمة.

وقد خَلُصَت الدراسة إلى أنَّ فكرَ الهزيمة بات مُنتشراً على مستوى النخبِ والأفراد، تدعمهُ وتُؤسسُ له صفاتٌ عربيةٌ مُتعددة، ويزيد من حِدتهِ تخطيطٌ سياسيٌّ لم يتبع السُبُلَ الكفيلةَ لإنهائه، والطرقُ المؤدية إلى زواله. وتُشيرُ الدراسة إلى أنَّ المسؤولَ الأول عن حالةِ الهَزيمة التي نعيشها هو العقلُ العربيّ في المقام الأول والذي تُمثِلُهُ العامَّة أولاً، والنخب باختلاف مسمياتها ثانياً. وعليه خرجت الدراسة بتوصياتٍ عدة أهمها، إعادةُ بناءِ العقلِ العربي والعملُ على تطويرهِ ليصبح عقلاً عربياً جمعياً قادراً على تجاوزِ الصدمةِ التي أصابته جراء تتابع الهزائم، وذلكَ من خلالِ تخطيطٍ سياسيٍّ يتخذُ من الأسلوب العلمي أساساً لوضع القواعد اللازمة للنهوضِ والتطور.

وتكونت لجنة المناقشة من أ.د. عبد الستار قاسم مشرفاً ورئيساً، و د. عادل سماره ممتحناً خارجياً، و د. نايف ابوخلف ممتحناً داخلياً، وفي ختام المناقشة أوصت اللجنة بنجاح الطالب ومنحه درجة الماجستير بعد اجراء التعديلات.


عدد القراءات: 82