قام الباحث أمجد محمود منصور جلاد، الطالب في كلية الدراسات العليا بجامعة النجاح الوطنية، يوم الاحد الموافق 23/10/2016 بمناقشة اطروحة الماجستير بعنوان "دور الفصائل الفلسطينية في اقامة الوحدة الوطنية".

تهدف هذه الدراسة إلى البحث في دور الفصائل الفلسطينية في الوحدة الوطنية، ومساهمة تلك الفصائل في إضعاف مكانة القضية الفلسطينية من خلال صراعاتها التي أدت إلى تفكك النسيجين: الاجتماعي والأخلاقي، وتوهين الوحدة الوطنية في نفوس شرائح واسعة من الشعب الفلسطيني، والدور الذي لعبته (بقصد أو دون قصد منها) في تفكيك هذه الوحدة وهذين النسيجين. وتهدف هذه الدراسة أيضاً إلى تسليط الضوء على النسيجين الاجتماعي والأخلاقي الفلسطينيين قبل وبعد ظهور الفصائل الفلسطينية، وإلى معرفة أسباب وتاريخ ظهور الفصائل الفلسطينية الرئيسة، وتسليط الضوء على برامجها الحزبية، والتعرف إلى أهم المحطات التاريخية للقضية الفلسطينية ودور الفصائل فيها، وبيان أهمية توحد الفصائل الفلسطينية على برنامج وطني واضح، أو ميثاق وطني فلسطيني واحد، وبيان العقبات التي تحول دون توصل الفصائل المتناحرة إلى نقاط التقاء.

وقد أظهرت هذه الدراسة وجود فصائل وتنظيمات فلسطينية حقيقية، وفصائل أخرى ما زالت تعيش الحالة التنظيمية منذ نشأتها، أي أنها لم تصل مرحلة التنظيم بعد، ويمكن القول أيضاً بأن جميعها يشترك من حيث الأداء والولاء في أنه نسخة عن القبلية العصبية.

وأظهرت الدراسة أيضاً، أن كثرة الإنشقاقات والخلافات والصراعات العسكرية والإعلامية، وحالات الإستقطاب قد ساهمت في خلْق حالة من التشرذم في أوساط الشعب الفلسطيني من جانب، ومن جانب آخر كان لهذه الفصائل برامجها الوطنية التوعوية، وتعبئتها الداخلية للمحافظة على قضية الشعب الفلسطيني كشعب محتل يسعى للتحرر.

وبدا واضحاً في هذه الرسالة، تراجع بعض الفصائل عن مبادئها بشكل غير مسبوق تحت مظلة البراجماتية والواقعية، والتعامل مع المرحلة والمصالح المرسلة. وأن هذا التراجع كان يشهد حالة من التناقض والمد والجزر. 

وقد أظهرت نتائج الدراسة مدى العصبية التي تعاني منها تلك الفصائل التي كانت أحد أسباب الصراعات بينها، حتى وصلت إلى حالة من غياب أي جدية من هذه الفصائل نحو التقارب والتوحد والمصالحة.

وعلى المستوى العربي، فقد أظهرت هذه الدراسة التباين السياسي في المواقف العربية من هذا الفصيل أو ذاك، بأن أصبح هنالك قطبان وحالة من الإنقسام السياسي،  تعيشها الدول العربية. وقد ساهم ذلك بأن يتقوى كل فصيل بالدولة أو الدولة الداعمة له،  ويتصلب ويتعنتب بمواقفه، حيث خلقت تلك الدول حالة من توازن القوى بين الفصائل، جعلت من الصعوبة بمكان أن يتمكن فصيل واحد من فرض رؤيته السياسية على الفصيل الآخر. وقد ساهم الحراك العربي بتعميق الإنقسام خصوصاً أنه تبلور عن حكومات ذات مواقف سياسية متباينة.

كما أظهرت الدراسة أن سيطرة حماس على قطاع غزة قد أربكت المعادلة السياسية الفلسطينية، وجعلت لحركة حماس ساحة للتمدد والتقّوي، وفرض رؤيتها السياسية والعسكرية في الإعداد السياسي والعسكري والتعبئة الداخلية، مما تسببت في إحراج السلطة الوطنية الفلسطينية، وذلك بعدم تمكنها من بسط سيطرتها الكاملة على قطاع غزة.

وعلى ضوء النتائج أعلاه خرج الباحث بالتوصيات التالية:

1. ضرورة أن تساهم كافة ألوان الطيف الفلسطيني بنشر الوعي السياسي والديني في المجتمع الفلسطيني، والمجتمعات العربية، والتحذير من خطورة الخلافات والإنشقاقات، وتفكك الوحدة الوطنية والمجتمعية، وأهمية أن تتصالح وتتحد كافة الأطراف لرقع الخرق الحاصل في النسيجين الإجتماعي والأخلاقي الفلسطيني والعربي.

2. ضرورة توحيد الخطاب والتركيز على أن يكون موجهاً نحو- وضد- الإحتلال فقط، ووقف الملاسنات الإعلامية التي تساهم في إثارة المواطن الفلسطيني، وزرع النعرة الفصائلية والولاء الحزبي الأعمى بين شرائحه المختلفة.

3. يجب أن تكون جلسات الحوار بين مختلف الفصائل مهما طالت، وذلك حتى يبقى الشعب الفلسطيني يعيش حالة أو شبه حالة من الأمل. فلا يعقل أن يعطى العدو الصهيوني فرصة المفاوضات الأبدية بينما تفشل الجلسات القصيرة لحوارات الفصائل.

4. يجب الاستفادة من نقاط القوة التي يملكها كل فصيل، فلدى كل فصيل من الفصائل الفلسطينية المختلفة نقاط قوة تمكنها مجتمعة من تعزيز الموقف الفلسطيني في مواجهة تعنت وغطرسة الإحتلال الإسرائيلي. فمن جهة تستطيع حركة فتح الضغط على القيادة الفلسطينية للتلويح بعصا وقف التنسيق الأمني، ومن جهة أخرى يمكنها استخدام ورقة الفصائل العسكرية في غزة في مفاوضاتها مع الجانب الصهيوني.

5. يجب التفريق مجدداً وبشكل جدي بين السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، واستخدام ذلك كورقة وسلاح في المعركة السياسية والعسكرية مع العدو الصهيوني.

6. ضرورة إيجاد قيادة وطنية شابة حكيمة، تقف على مسافة واحدة من أطياف اللون السياسي الفلسطيني كافة، وتعمل بأجندة وطنية واضحة.

7. أن يعلن كل فصيل عن استقلالية قراره؛ لأن واحدة من أهم العقبات التي تواجه الوحدة الوطنية هي عدم جدية قيادة أطراف الإنقسام في الوصول إلى كلمة سواء فيما بينهما، وخضوع كل طرف لضغوطات داخلية وخارجية.

لا يمكن للمصالحة الفلسطينية أن تتم وأن ترى النور دون رجوع الأطراف الفلسطينية إلى  مرجعية واحدة يتم الإتفاق عليها، وحينها فقط ستتم المصالحة، وتعود اللّحمة المجتمعية وتتحقق الوحدة الوطنية داخل المجتمع الفلسطيني، والمجتمعات العربية كافة. ورغم أن المسألة نسبية، إلا أن حال العرب في التشرذم معروف منذ الأزل كما ذكر التاريخ وذكر عالم الإجتماع ابن خلدون. وقد صدق فيهم الخليفة عمر ابن الخطاب-رضى الله عنه- حين قال: "إن العرب أمة أعزها الله بالإسلام، فمهما ابتغت العزة بغير الإسلام أذلها الله". لذلك فإن الحل يكمن في إيجاد مرجعية سياسية ودينية واحدة يحتكم لها الجميع في حل الخلاقات والنزاعات.

وتكونت لجنة المناقشة من الاستاذ الدكتور عبد الستار قاسم مشرفاً ورئيساً، و الدكتور عطية مصلح ممتحناً خارجياً من جامعةالقدس المفتوحة، و الدكتور نايف أبو خلف ممتحناً داخلياً، وفي ختام المناقشة أوصت اللجنة بنجاح الطالب ومنحه درجة الماجستير بعد اجراء التعديلات.


عدد القراءات: 91