قامت الباحثة داليا عبد الحميد أحمد خلوف، الطالبة في كلية الدراسات العليا بجامعة النجاح الوطنية، يوم الخميس الموافق 16/3/2017 بمناقشة اطروحة الماجستير بعنوان "الاغتيال السياسي كصورة من صور الجريمة السياسية في ظل القانون الدولي العام".

تعد الجرائم السياسية من أخطر الجرائم التي تؤدي إلى الاعتداء على أمن الدولة الداخلي والخارجي، فقد عرفت المجتمعات منذ بدء العصور القديمة حتى عصرنا هذا الجريمة السياسية، بدءا من العصور التي كانت فيها القبيلة هي الممثل الرئيسي للمحكمة والقائمة على مصالحها السياسية، وصولا إلى الدولة في شكلها القديم كالدولة الفرعونية في مصر، حيث كانت تعتبر أن الجريمة السياسية من أخطر الجرائم التي تهدد هذه الدولة .

فمنذ أن بدأت التجمعات البشرية تظهر في التاريخ لأول مرة، بدأت معالم المعركة والقتال تتضح بين الجماعات، ففي تلك الفترة، كان الفرد هو سلطان نفسه، فلم يكن ثمة أي دساتير تحمي حقوق الأفراد وتصون الشرعية وتحدد الواجبات، فكان القوي يحطم الضعيف ويستوي على ما يملكه من أرض وخيرات دون أية ذرة ضمير أو احترام للحياة البشرية .

فعندما وضعت أول معالم الدولة، ظهرت الحاجة لوجود قائد يستلم قيادة المجتمعات في حالات السلم والحرب، فكانت النتيجة الحتمية للحروب التي يخوضها هذا القائد وينتصر بها هو الولاء المطلق، نعم لقد أصبح هناك ولاء مطلق لهذا القائد المنتصر، ومن هنا برزت الجريمة السياسية، فمجرد أي مساس من قبل الأفراد بهذا الولاء يصبح هذا التصرف جريمة سياسية شديدة الخطورة .

استمر هذا الحال على مر العصور وصولا إلى القرون الأولى من العصر الحديث، حيث شهدت تلك العصور انقلابا ملحوظا في النظر إلى طبيعة الجريمة السياسية، حيث صدرت القوانين والتشريعات التي
 تنظم الجريمة السياسية بتفصيلاتها، إلا أن هذا الواقع لم يستمر طويلا، فما أن بدأت الثورة الفرنسية أصبح هناك أفكار جديدة نتيجة لكثرة الانقلابات السياسية والاجتماعية، نتيجة لذلك أصبح العالم يشهد عدة صور وأشكال للجريمة السياسية، من أهم هذه الصور والأشكال جريمة " الاغتيال السياسي " أو ما يسمى بالقتل العمد .

ولأن الدول ومؤسسات المجتمع الدولي والمنظمات الدولية كانت ولا تزال في سعي مستمر للاستقرار، وإشاعة الأمن والسلم على المستويين الدولي والوطني، ونتيجة لصوت الشعوب الداعي إلى نبذ النزاعات، ولأن الجريمة السياسية والاغتيال السياسي موضوع هام شغل ألباب المفكرين على مر العصور، قامت الباحثة بالاهتمام بهذه الدراسة التي تركز بالدرجة الأولى على محور رئيسي وهو  ظاهرة الاغتيال السياسي كشكل من أشكال الجريمة السياسية، وبناء على ذلك تم تقسيم الرسالة إلى فصلين رئيسيين، في كل فصل مبحثين متتاليين ويحتوي المبحث الأول على مطلبين، الفصل الأول كان بعنوان ماهية الجريمة السياسية، وضحت فيه الباحثة في مطلبين متتاليين  تعريف الجريمة السياسية والفرق بينها وبين الجريمة العادية على الترتيب، ثم انتقلت إلى المبحث الثاني الذي حمل عنوان دوافع الجريمة السياسية وأنواعها والفروق بينها وبين جريمة الإرهاب، وكما المبحث الأول، قسم المبحث الثاني إلى ثلاثة مطالب للحديث عن دوافع الجريمة السياسية وأنواعها في المطلبين الأول والثاني ، والفرق بينها و بين جريمة الإرهاب في المطلب الثالث .

ولأن جريمة الاغتيال السياسي ظاهرة تاريخية ترتبط بالمجتمعات البشرية، وقديمة قدم السياسة، كان حري بالباحثة أن توليها الاهتمام في الفصل الثاني الذي حمل عنوان ظاهرة الاغتيالات السياسية، حيث تم تقسيم هذا الفصل إلى مبحثين رئيسيين، كان المبحث الأول بعنوان الاغتيال السياسي كصورة من صور الجريمة السياسية وموقف القانون الدولي من هذه الجريمة، عرفت الباحثة في المطلب الأول من المبحث الأول مفهوم جريمة الاغتيال السياسي، وفي المطلب الثاني تم توضيح موقف القانون الدولي من هذه الجريمة .

أما المبحث الثاني من الفصل الثاني تحدثت فيه الباحثة عن آليات المساءلة القانونية لمرتكبي جريمة الاغتيال السياسي ونماذج حية على هذه الجرائم .

وخلاصة ما توصلت إليه الباحثة في هذه الدراسة التي اعتمدت على المنهج الوصفي التحليلي بأن سياسة الاغتيالات ما هي إلا  نمط من أنماط التدابير الاحترازية، في مواجهة الأشخاص المطلوب القبض عليهم، يتم اللجوء إلى هذه السياسة لتصفيتهم كإجراء وقائي، ووسيلة لتحقيق الردع والإرهاب .

ففي غياب نظام محاسبة المجرم وشركائه، وتفاوت كبير في موازين القوى العسكرية على المستوى الدولي، ومواجهة مباشرة بين كيان مثقل بالدعم العسكري والاقتصادي وغيره وشعب محروم من أبسط الأولويات، تتحول منظومة القيم الحقوقية إلى نص مجرد في عالم الغاب .

وتكونت لجنة المناقشة من الدكتور باسل منصور مشرفاً ورئيساً، و الدكتور محمد الشلالدة ممتحناً خارجياً من جامعة القدس ابوديس، و الدكتور محمد شراقة ممتحناً داخلياً، وفي ختام المناقشة أوصت اللجنة بنجاح الطالبة ومنحها درجة الماجستير بعد اجراء التعديلات.


عدد القراءات: 111