قام الباحث ايمن مصطفى مرعي، الطالب في كلية الدراسات العليا بجامعة النجاح الوطنية، يوم الاثنين الموافق 14/4/2014 بمناقشة اطروحة الماجستير بعنوان "تطبيقات لمعاملات مالية تجري داخل الخط الاخضر وحكم تعامل المسلمين بها/ دراسة تأصيلية-فقهية-مقارنة".

تتناول هذه الدراسة حكم التعامل بمجموعة من المعاملات المالية المنتشرة داخل الخط الأخضر, وذلك بهدف الإجابة عن الكثير من الأسئلة التي تدور في أذهان الناس, حول مدى صحَّة التعامل بهذه المعاملات. لأن هذه المسائل قد التبس فهمها عند الكثير من أهلنا داخل الخط الأخضر , حتى أنه هنالك قسم من هذه المسائل قد التبس فهمها عند بعض الذين يحملون الشهادات العلمية في العلوم الشرعية, كالتعامل بالربا في بلادنا.

وقد قسَّمت هذا البحث إلى ستة فصول,فتناولت في الفصل الأول, حكم تعامل المسلم الذي يعيش في بلادنا بالربا, وذلك لأن هنالك الكثير ممن يقولون أن هذه البلاد أرض حرب, وبناءً على ذلك يجوز,بحسب المذهب الحنفي, التعامل فيها بالربا, لذلك بحثت عدة مسائل وهي; هل يجوز التعامل بالربا في دار الحرب, وهل تعتبر بلادنا دار حرب, فتبيّن لي أن جمهور العلماء من الشافعية والمالكية والحنابلة والظاهرية وأبو يوسف من الحنفية, يقولون بحرمة الربا في كل مكان وزمان, وقد خالفهم أبو  حنيفة فأباح للمسلم الداخل إلى دار الحرب أن يتعامل بالربا مع أهلها, سواءً كانوا حربيين أو ممن أسلم منهم وبقي في دارهم, فرّجحت قول الجمهور, لقوّة أدلتهم وقربها من مقاصد التشريع, أما بالنسبة للتكييف الفقهي لبلادنا, فقد اختلف الفقهاء في مسألة تحول دار الإسلام إلى دار حرب, وقد عرضت أدلتهم ورجّحت قول أبي حنيفة, والمالكية, والمعتمد عند الشافعية, وهو ما رجّحه القرضاوي, وذلك لأنهم تحفظوا واحتاطوا لاعتبار دار الاسلام أن تصير دار حرب, وهو القول الأقرب لتحقيق مقاصد التشريع في المحافظة على هوية الأرض وعلى دين أهلها, والعمل على استرجاعها.

وعليه فلا يجوز التعامل في بلادنا بالربا, حتى على قول أبي حنيفة, والذي أباح هذه المعاملة, فإن بلادنا, وبحسب رأيه, بقيت اسلامية فلا تجوز فيها هذه المعاملة.

أمّا الفصل الثاني فقد استعرضت فيه معاملات مالية منتشرة في بلادنا وهي: التوفير في البنوك , وكذلك أخذ أصحاب رؤوس الأموال قروضاً من البنوك, وذلك بزعمهم أن هذه المعاملة تحقق ربحاً لا غبار عليه, وقد بيَّنت, وبالاعتماد على نتائج الفصل الأول, حرمة هاتين المعاملتين.

أمّا الفصل الثالث فقد خصَّصته لبحث التأمين التجاري وحكم التعامل به, وبالطبع فإن هذا الموضوع واسع, فحتى أتجنب الاطالة قمت بتقسيم هذ التأمين بحسب الوظيفة المرجوّة منه إلى قسمين, أولاً: لتأمين على "الالتزام بالضمان بثمن", بصفته يقوم على ضم ذمة المؤمَن له إلى ذمة المؤمِّن, وبذلك يضمن الثاني للأول كل ما قد يخسره في المستقبل,وقد عرضت آراء الفقهاء في هذا التأمين, ورجحت الرأي المبيح للعمل بهذا التأمين إلى حين توَفر البديل الشرعي المناسب.

ثانياً: التأمين على "حدوث الاحتمال", وفي هذا التأمين يدفع المؤمِن مبلغ التأمين للمؤمَن له عند حدوث احتمال مبيَّن في العقد, وهذا المبلغ لا علاقة له بقيمة الاحتمال المؤمَّن عليه.وقد أطنبت فيبحث هذا التأمين,  لأن صور التأمين التي أريد بحثها تتبع لهذا النوع , فقسَّمتُه إلى صنفين, بحسب فرص استفادة المؤمن له, في الصنف الأول لا يحصل المؤمن له, أو المستفيد, على مبلغ التأمين إلا في حالة وقوع الاحتمال المؤمن عليه, وهذا الصنف يحرِّمه العلماء, أما الصنف الثاني فإن فرص الحصول على مبلغ التأمين تتعدّد, وقد عرضت آراء العلماء فيه, وأكثريتهم على تحريمه, وقد أباحه بعض العلماء كالزرقاء, لأن تعدُّد فرص الحصول على مبلغ التأمين فيه يُساهم في تقليل الغرر منه. أما أنا فأميل إلى القول بتحريمه,  ومع ذلك فإنني أرى أن التأمين على حدوث الاحتمال قد يُباح إذا دعت الضرورة لذلك. وهذه الضرورة يحدّدها أهل العلم لا عامّة الناس.

وقد أطنبت في ذكر أدلة تحريم التأمين التجاري بشكل عام, والتأمين على حدوث الاحتمال بشكل خاص حتى تتوضح لنا الصورة بشكل أفضل وكذلك حتى تساعدنا في بيان الحكم المناسب لصور التأمين في الفصل القادم.

وفي الفصل الرابع تطرقتُ لعقديّ التأمين, على الحياة تأمين , وعلى الأمراض الصعبة. والتي يتم التعامل بها في بلادنا.وقد استعنت في هذا الفصل, وفي الفصول القادمة, بأهل الاختصاص بموضوع التأمين, فكانت بيننا عدّة لقاءات, تمكنت من خلالها فهم هذا الموضوع بشكل جيد, وقد زوّدوني بالمواد اللازمة, وكذلك أرشدوني إلى مواقع الانترنت ذات الصلة بالموضوع, وبذلك تمكنت بحث هذا الموضوع بشكل جيد, فقمت بتعريف التأمين التجاري, ثم تطرقت لبعض بنود العقد الخاص بالتأمين, وبيّنت حكمها في الشرع, ثم شرعتُ في بحث التأمين على الحياة, في بلادنا, فعرَّفته , وبينت المصطلحات الخاصة بهذا العقد, ومسارات هذا التأمين, ثم ذكرت الحكم الذي أميل إليه. وبعد ذلك تناولت موضوع التأمين على المراض الصعبة, فعرّفتُه , وبيّنت طريقة عمله, وأصناف الأمراض المؤمن عليها, ومدى الحاجة إليه. ثم ذكر الحكم الذي أميل إليه,

أما الفصل الخامس فقد بحثت فيه, أهمية التكافل في الاسلام, ثم تطرقت لموضوع التأمين الاجتماعي, فعرَّفته وبيّنت مدى الحاجة إليه, ثم ذكرت علاقة الدولة بهذا التأمين, وبعد ذلك عقدتُ مقارنة بينه وبين التأمين التجاري, وفي النهاية ذكرت الحكم الذي أميل إليه, وهو ما ذهب إليه أغلب العلماء, بجواز هذا التأمين.

وفي الفصل السادس تناولت صورتين من صور التأمين الاجتماعي وهما: التأمين على التقاعد, والتأمين على فقدان القدرة على العمل, وقد عرّفت هذين التأمينين, وبيّنت علاقة وزارة المالية بهما, ثم تطرقت لكيفيّة التعامل بهما, وحكمهما الشرعي. 

وتكونت لجنة المناقشة من د. عبد الله ابو وهدان مشرفاً ورئيساً، و د. جمال عبد الجليل ممتحناً خارجياً من جامعة القدس-ابو ديس، و د. ايمن الدباغ ممتحناً داخلياً، وفي ختام المناقشة أوصت اللجنة بنجاح الطالب ومنحه درجة الماجستير بعد اجراء التعديلات .


عدد القراءات: 80