قام الباحث حسين سليمان فريد عبد الفتاح، الطالب في كلية الدراسات العليا بجامعة النجاح الوطنية، يوم الاثنين الموافق 20/10/2014 بمناقشة اطروحة الماجستير بعنوان "اشكالية العلاقة بين التيارات السلفية وجماعة الاخوان المسلمين واثرها على عملية التحول الديمقراطي في مصر".

تضيق سطور الكتب- أحيانا – عن استيعاب بعض الاحداث التاريخية في حين يحتل حدث واحد ذاكرة الماضي ويملؤ فضاء الحاضر، حيث يعتبر تصدر القوى الاسلامية للمشهد السياسي في البلدان التي شهدت حراكا ثوريا عموما وفي مصر خصوصا حدث شغل أفكار الباحثين وأقلام المدونين والمتابعين لما له من أثر في رسم الخارطة الجيوسياسية في تلك البلدان وتغيير في قواعد اللعبة السياسية اقليميا ودوليا ، في حين استحوذت العلاقة بين جماعة الاخوان المسلمين والتيارات السلفية في مصر اهتمام الباحث لما لهذه العلاقة من أثر على عملية التحول الديموقراطي بعد ثورة 25 يناير 2011.

للتعرف على هذه العلاقة استرشد الباحث بالمنهج التاريخي لما له من قدرة على استخراج الاحداث التاريخية لكل من جماعة الاخوان المسلمين والتيارات السلفية وتوضيح طبيعة العلاقة بينهما قبل ثورة 25 يناير 2011، مشكلة تلك الاحداث بيانات انطلق منها الباحث في وصفه لتلك الظاهرة ومدخلا لتحليلها عبر المنهج الوصفي التحليلي في عملية استجلاء منهجية لحقيقة فرضية تأثير تلك العلاقة على عملية التحول الديموقراطي في مصر بعد ثورة 25 يناير 2011.

ان بناء فصول الدراسة جاء تقليديا فقبعت مقدمتها في اساسها مشكلة قاعدة الانطلاق ومتضمنة فروضا رئيسية وفرعية واسئلة شكلت –لاحقا - عناوين لفصولها الثلاثة، حيث استفاد الباحث من الاحداث التاريخية وأفرد لها في الفصل الاول ثلاثة مباحث؛ فالمبحث الاول والثاني أهتما بتاريخ وهوية كل من جماعة الاخوان  المسلمين والتيارات السلفية وتضمن المبحث الثالث مواطن الاختلاف والتوافق بينهما في الحقب التاريخية التي سبقت ثورة 25 يناير 2011 وما بعدها، أما الفصل الثاني فقد شكل اطلالة ونافذة على التجربة الديموقراطية المصرية قبل تلك الثورة عبر مبحثين توأمين؛ فالمبحث الاول عرج على ملامح واشكاليات عملية التحول الديموقراطي في التجربة المصرية، فيما جاء المبحث الثاني ليؤسس للفصل الثالث من خلال استحضار الحياة السياسية للدولة المصرية قبل ثورة 25 يناير 2011؛ فالفصل الثالث يعتبر- بحق - جوهر الدراسة، خاصة وأنه تطرق لأثر تلك العلاقة على عملية التحول الديموقراطي في مصر عبر ثلاثة مباحث، جاء المبحث الاول ليسلط الضوء على أثر تلك العلاقة على دستور 2012 المصري ، ذلك الدستور الذي صيغت مواده في ظل تصدر جماعة الاخوان المسلمين والتيارات السلفية للمشهد السياسي المصري والذي مثل أيضا أحد أهم نتائج علاقتهما في تلك الفترة الاستثنائية، كما يكتسب هذا المبحث بعدا خاصا، لاسيما أذا ما اخذ بعين الاعتبار أن حداثة وتقدم الدول تقاس بدساتيرها وقوانينها أضافة الى طبيعة نظامها السياسي، أما المبحث الثاني الذي لا يقل أهمية عن المبحث الاول فقد تطرق الى ذلك الاثر الذي أحدثته تلك العلاقة على اركان الحداثة المتمثلة بالديموقراطية وحقوق الانسان وسيادة القانون فتلك الاركان توضح بقوة مدى قرب  النظام السياسي من تبني الديموقراطية كأداة وكثقافة، أما المبحث الثالث فقد استعرض مجموعة من التحديات والمعوقات التي وقفت مصدات وموانع أمام عملية تحول ديموقراطي حقيقي في مصر في حضرة القوى الاسلامية.

لقد أفرزت فصول الدراسة ومباحثها نتائج شكلت اجابات عن اسئلة االدراسة، في القلب منها جاءت كاشفة وفاحصة لفرضية الدراسة الرئيسية " اشكالية العلاقة بين جماعة الاخوان المسلمين والتيارات  السلفية أعاقت وأفقدت مصر الفرصة التاريخية في التحول الديمقوقراطي الحقيقي بقيادة القوى الاسلامية نتيجة تذبذها وارتباكها، كما أنه لا يمكن اغفال دور قوى الدولة العميقة كتحدي ومعوق لذلك التحول، اضافة الى قوة وسطوة المؤسسة العسكرية ونفوذها الامني والاقتصادي الضاغظ على الفعل السياسي.

 لم تغفل الدراسة عن تقديم التوصيات والمقترحات  للقوى الاسلامية الطامحة الى اقامة المشروع الاسلامي من خلال المنصة الديموقراطية، الى ضرورة اجراء المراجعات الحقيقية في علاقتهما وتوضيح موقفها من الديموقراطية ذات المفهوم الغربي كنظام حكم وكثقافة وسلوك؛ فبالرغم من نجاح بعض النماذج الديموقراطية في بعض البلدان الاسلامية الا أنه يصعب استخدام تلك الادوات دون تطبيق حاضنتها الثقافية ذات المنشأ الغربي.   

وتكونت لجنة المناقشة من د. ابراهيم ابو جابر مشرفاً ورئيساً، و د. موسى البسيط ممتحناً خارجياً من جامعة القدس- ابو ديس، و د. مسعود اغبارية ممتحناً داخلياً، وفي ختام المناقشة أوصت اللجنة بنجاح الطالب ومنحه درجة الماجستير بعد اجراء التعديلات.


عدد القراءات: 81