قام الباحث اياد حسين موسى سلمان، الطالب في كلية الدراسات العليا بجامعة النجاح الوطنية، يوم الخميس الموافق 9/4/2015 بمناقشة اطروحة الماجستير بعنوان "استراتيجية توحيد ضريبتي الدخل والقيمة المضافة في فلسطين واثر ذلك على الالتزام الضريبي وحصيلة الخزينة العامة".

إن الهدف الرئيسي من إعداد هذه الدراسة والقيام بها هو قياس مدى إمكانية نجاح تطبيق استراتيجية توحيد احد أهم موارد الخزينة العامة لدولة فلسطين، وهو توحيد ضريبتي الدخل والقيمة المضافة، وخاصة أن عمليه التوحيد قد بدأت بالفعل، وأنه قد جرى تطبيقها في إحدى أهم الدوائر الضريبية التي تشتمل على أكبر ملفات دافعي الضرائب في فلسطين سواء أكان هذا الملف لشخص طبيعي ( أفراد أو شركات عاديه)أم معنوي( شركات مساهمة خصوصيه محدوده أو عامة) وهي دائرة كبار المكلفين .

لتحقيق هذا الهدف من الدراسة إجتهدنا أولا أن نقوم بذلك من خلال قياس حالة التوحيد الحاصله في هذه الدائره، واستكشاف ما حققته من نتائج، سلبية كانت أم ايجابية على صعيد دور هذا التوحيد في تخفيض النفقات التشغيلية،  وفي الحد من  مستوى التهرب الضريبي في فلسطين، ورفع مستوى الخدمات المقدمة وتحسين التعامل مع المكلفين، الأمر الذي ينعكس أثره على زيادة وتوسيع قاعدة الإلتزام الطوعي الضريبي، وزيادة الجباية والحصيلة الضريبية الواردة الى الخزينة العامة فيها.

من أجل ذلك إستخدم الباحث أسلوب المنهج الوصفي التحليلي من خلال أداة الاستبانة على مجتمع دراسة هو جميع المكلفين الموجودين في دائرة كبار المكلفين في الضفة الغربية، باستثناء ملفات المؤسسات المالية لقطاع البنوك، والتأمين لأن هذه الملفات كانت -ومنذ نشأة الضرائب في فلسطين- يتم تسويتها كملف موحد للضريبتين، وسوف لن يؤثر التوحيد في طريقة تسويتها أو زيادة حصيلتها .

هذا المجتمع يتكون من (304) مكلف وفق إحصاءات نظام ادارة الإيرادات الموحد (RMS) الفلسطيني لشهر حزيران من عام 2014 ، وقد تم إختيار عينه عشوائيه من هذا المجتمع  حجمها(169) مكلف بما نسبته (55.5%) تقريبا .

 بالإضافة الى جميع الموظفين العاملين في دائرتي ضريبة الدخل والقيمة المضافة الذين يعملون في مجال الضرائب بشكل مباشر، وتشمل (المدراء ونواب المدراء، رؤساء الأقسام، المقدرين وفاحصي الحسابات ) لإستطلاع آراء من قاموا  فعليا بتنفيذعمليه توحيد الضريبتين في دائرة كبار المكلفين، أوالذين سيقومون بتنفيذها في المستقبل القريب في باقي المكاتب الضريبية للدائرتين، والتي بدأت مبدئيا بتوحيد أقسام السيارات في الضريبتين،  ليعملا كقسم واحد، وقد تم حصر ذلك من خلال الشؤون الإداريه لكلا الدائرتين، حيث بلغ حجم هذا المجتمع ( 412) موظف، وتم إختيار عينه   عشوائيه منه بحجم (184) موظف بما نسبته 44.6% تقريبا من كلا الدائرتين ، وبعد عمليه جمع البيانات عولجت إحصائيا باستخدام برنامج SPSS .

خلصت الدراسة وبعد أن قامت وزارة المالية الفلسطينيه بالتطبيق الفعلي لإستراتيجية توحيد ايراداتها من خلال البدء بتوحيد ضريبتي الدخل، والقيمة المضافة في أكبر الدوائر الضريبية جباية، وهي دائرة كبار المكلفين منذ ثلاث سنوات تقريبا، أنها اصبحت تمتلك كافة الامكانيات والمقومات اللازمة للنجاح والاستمرار فيه، حيث الخبرات والكفاءات الوظيفيه المتوفره لديها في المجال الضريبي من جهه، والنظام الضريبي المحوسب والمتطور والذي اصبح مطبقا في جميع الدوائر الضريبية من جهه اخرى، ولم يبق سوى وجود إداره موحده وفاعلة قادره على إتمام هذا الإنجاز وتحقيق أهدافه .

إن السبب في عدم وجود هذه الإداره الفاعله وعدم إجراء التغييرات الواجب القيام بها لتتناسب  مع عمليه توحيد الضريبتين سواء أكان ذلك من حيث العمل على توحيد القوانين والتشريعات الضريبية، أم من حيث رفع وتحسين مستوى التعامل مع المكلفين والخدمات المقدمة لهم، ورفع مستوى ثقتهم بما قد يدفعونه من ضرائب كواجب وطني بأنه سيعود عليهم كخدمات يلمسونها في حياتهم، والإطمئنان الى أوجه إنفاقها وصرفها بسبب الفساد المالي القائم، فقد جاءت موافقة المكلفين على عمليه توحيد الضريبتين في الفتره التي طبقت فيها متوسطة الى متدنية في مجالات مساهمتها، بدءا في الحد من التهرب الضريبي أوبتوسيع قاعدة الإلتزام الطوعي بها، أو في زيادة الحصيله والجباية، وانتهاءا بعدم مساهمتها في تخفيض وتسهيل إجراءات التعامل مع المكلفين .  

كما أدى سبب عدم وجود إداره فاعله أيضا الى انخفاض مستوى موافقة الموظفين الذين شملتهم العينة الى مستوى المتوسط في المجال الثاني الذي يتعلق بمساهمة التوحيد بتخفيض وتقليص مستوى النفقات التشغيلية، حيث لم يلمس الموظفون أي تقليص فعلي لعدد الموظفين أو توجيه أو استغلال عدد منهم للقيام بمهمات أخرى كفيله بتحقيق جباية أفضل، والمجال الخامس الذي يتعلق بزيادة الوعي الضريبي لدى المكلفين، فالموظفين لم يلمسوا أي تحسن في الجهاز الضريبي ولم يؤد التوحيد الى الإصلاح الضريبي الفعلي الكفيل بتحقيق الإستقرار المالي للموظف أو المكلف على السواء. 

أما في المجالات الأخرى فقد جاءت موافقة الموظفين عليها عالية، سواء في المجال الأول الذي يتعلق بمساهمة التوحيد في الحد من التهرب الضريبي،  حيث أجمع موظفو عينة الدراسة بان توحيد الضريبتين يؤدي الى ذلك من خلال تبادل المعلومات والخبرات، والى الكشف عما يخفيه المكلف في كشوفاته واقرارته المقدمة، بالإضافة الى رفع مستوى قدرتهم على تحليل هذه المعلومات، والمجال الثالث الذي يتعلق بدور التوحيد في تخفيض وتسهيل إجراءت التسجيل والتسوية لملفات المكلفين بسبب التسجيل وفتح ملف واحد للمكلف، وتدقيق هذا الملف مره واحده وتخفيض عبء تقديم المعاملات لأكثر من جهه، وفي المجال الرابع الذي يتعلق بزيادة الحصيله والجباية فقد رأى المستهدفون بالدراسة أن التوحيد يؤدي الى تحصيل الدين الضريبي من خلال عمل التقاص بينهما،  والى تسهيل السداد باستخدام نماذج موحده .

من توصياتنا الموجهه الى إدارة التوحيد على صعيد الموظفين، وبما أنهم لم يلمسوا تغيرا على وضعهم الوظيفي، ولم يتم حتى مراعاة الخبره والكفاءه لدى بعضهم بوضعهم في المكان المناسب لهم وبقاء الأمور على حالها بل على العكس تماما من ذلك، فقد أدى الى زيادة الاعباء والمسؤوليات والمهام الملقاه على عاتقهم أكثر من السابق، بأن يسعوا الى إرضاء الموظفين وإنصافهم قدر الإمكان، حتى يكون  ذلك حافزا لعملهم والقيام بما يوكل اليهم من مهام بكل جد واجتهاد.

أما فيما يتعلق بالمكلفين، فيجب على هذه الإداره المستقبليه- في ظل هذا التوحيد- أن تقوم بكل ما يلزم من إجراءات وتوجيهات تكفل تحقيق مستوى أفضل من الخدمات المقدمة للمكلفين، ورفع وتحسين مستوى التعامل في تسويه ملفاتهم وتخفيف العبء الضريبي عن كاهلهم والى بناء جسور من الثقه معهم، وتغيير شعورهم بأنهم مستهدفون لاغراض الجباية فقط دون النظر الى العدالة في محاسبتهم .

وتكونت لجنة المناقشة من د. غسان دعاس مشرفاً ورئيساً، و د. رائد سعد ممتحناً خارجياً من الجامعة العربية الامريكية، و د. مفيد الظاهر ممتحناً داخلياً، وفي ختام المناقشة أوصت اللجنة بنجاح الطالب ومنحه درجة الماجستير بعد اجراء التعديلات.


عدد القراءات: 73