قامت الباحثة ميساء محمد عبد الخالق جباره، الطالبة في كلية الدراسات العليا بجامعة النجاح الوطنية، يوم الاربعاء الموافق 27/5/2015 بمناقشة اطروحة الماجستير بعنوان "تطوير تقنيات البناء بالطين في المسكن المعاصر/ حالة دراسية اريحا".

شكَّل الطين أحد المواد الأساسية للبناء في بلدان كثيرة من العالم، واستمر استخدامه لقرونٍ عديدة، لكنه تراجع بعد ظهور مواد البناء الحديثة كالإسمنت، إضافةً لما واجهته المنشآت الطينية لبعض المشاكل، كانخفاض قوة مقاومته للظروف الجوية، وقوى الشد، لاسيما الناتجة عن الحركات الأرضية والزلازل، لكن في ظل تنامي الحاجة إلى تحقيق عمارة مستدامة، ظهرت الكثير من المحاولات العالمية الحديثة لإعادة استخدام الطين في البناء من جديد، وذلك بإجراء الأبحاث والدراسات والاختبارات العلمية، التي من شأنها أن تعزز خواصّه الإيجابية وتقلل من سلبياته.

بناءً على ذلك جاءت هذه الدراسة لتلقي الضوء على العمارة الطينية التي زخرت فيها فلسطين على مر العصور؛ في محاولةٍ لتحقيق عمارة طينية مستدامة، وآمنة إنشائياً، في منطقة أريحا، وذلك استناداً إلى التجارب العالمية الناجحة، وبالاستفادة من العوامل التي ضمنت لهذه العمارة الديمومة لقرونٍ طويلة، وبالاستعانة بالموروث التقليدي، الذي يمثله عددٌ كبير من النماذج المعمارية في أريحا، ويأتي ذلك بما يتوافق مع طبيعة المنطقة وبيئتها واحتياجات ساكنيها.

خلصت الدراسة إلى عدد من النتائج أهمها: اختلاف خصائص الخلطة الطينية باختلاف خصائص التربة المستخدمة فيها، والتي تختلف بدورها أيضاً من موقع إلى آخر، وأن أفضل أنواع التربة هي التربة الرملية الطينية والتربة الطينية الرملية، كما أن تقنيات البناء بالطين متعددة، أكثرها شيوعاً في العمارة التقليدية هو الطوب الطيني المجفف، بينما يعد الطوب المضغوط، أوسعها انتشاراً في العمارة المعاصرة، أما في فلسطين فقد تعددت تقنيات البناء بالطين فيها، مثل الطوب الطيني المجفف والكرات الطينية والطين المدكوك وإنشاء البيوت تحت الأرض، وانتشرت في أرجاءٍ واسعة منها منذ العصور الحجرية، لكنها تركزت فيما بعد في المناطق الجافة كمنطقة الغور وعلى رأسها أريحا، والتي جاءت المباني الطينية التقليدية فيها متوافقة مع بيئتها، وتميزت بأسقفها المائلة والمستوية، فيما ندر وجود القباب فيها، وتعاني العمارة التقليدية في أريحا من تدهور لوضعها الإنشائي، الذي يعزى أساساً لهجرتها وغياب الصيانة الدورية لها، أما إعادة إحياء العمارة من جديد فيشترط أن تحقق أربعة شروط أساسية وهي الأمن الإنشائي وتقليل التكلفة الاقتصادية وتحقيق المتطلبات البيئية، وتلبية الاحتياجات الاجتماعية المعاصرة.

أوصت الباحثة بعددٍ من التوصيات لذوي العلاقة، التي يضمن تطبيقها تطوراً واضحاً في تقنيات البناء بالطين في العمارة المعاصرة، أهمها: إنشاء مختبرات متخصصة بإجراء الاختبارات الدقيقة على مادة الطين، وإدخال هذه المادة ضمن المناهج التعليمية في كليات الهندسة في الجامعات المحلية، وضرورة التعاون مع الجامعات العالمية في هذا المجال، والحاجة إلى استحداث كود بناء خاص بالبناء الطيني، وإنشاء مصنع للطوب الطيني المضغوط وفق المعايير العالمية، علاوة على ضرورة نشر الوعي بين الناس بالمزايا المستدامة للطين، وذلك من خلال عقد الندوات وإقامة المعارض، وتقديم التسهيلات الممكنة للتشجيع على استخدامه في البناء.

وتكونت لجنة المناقشة من د. حسن القاضي مشرفاً ورئيساً، و د. سالم ذوابة ممتحناً خارجياً من جامعة بيرزيت، و د. معتصم بعباع ممتحناً داخلياً، وفي ختام المناقشة أوصت اللجنة بنجاح الطالبة ومنحها درجة الماجستير بعد اجراء التعديلات.


عدد القراءات: 153