قام الباحث ماجد محمد ابراهيم رواجبة، الطالب في كلية الدراسات العليا بجامعة النجاح الوطنية، يوم الخميس الموافق 8/12/2016 بمناقشة اطروحة الماجستير بعنوان "أسباب تحول الثورات العربية بعد العام 2011 الى العنف السياسي "مصر واليمن نموذجاً"".

هدفت الدراسة إلى التعرف على الأسباب التي أدت إلى تحول الثورات في دول "الربيع العربي" إلى العنف، وحالت دون اكتمال مسيرة التحول الديمقراطي، وقد تناولت حالتين دراسيتين مختلفتين من ناحية البنية والمكونات؛ هما مصر واليمن، فعلى الرغم من سلمية الثورات في بدايتها تحول المسار إلى العنف السياسي في كليهما مع اختلاف المستوى والطبيعة المشكلة للعنف.

أثارت الدراسة العديد من التساؤلات المتعلقة بأسباب شيوع ظاهرة العنف في كلا الحالتين، رغم اختلاف البنية المجتمعية والاقتصادية والسياسية. افترض الباحث أن السبب الرئيس في شيوع العنف في بلدان "الربيع العربي" يعود إلى عدم قدرة القوى السياسية على الإجماع على برنامج عمل وطني قادر على تحييد القوى المضادة للثورة، وإكمال مسيرة التحول الديمقراطي، وتعود هذه المعضلة إلى عدة أسباب على رأسها بنية الدولة في كلا النظامين، ودور الجيش والسياسات التوزيعية للنظامين، واللذين أحدثا خللاً واضحاً في علاقة القوى السياسية مع بعضها البعض، ومع النظام السياسي، والتي بنيت أصلاً على قاعدة الإقصاء السياسي والتعامل الأمني وليس التعامل السياسي.

بنيت الدراسة منهجياً على ثلاثة مناهج؛ الأول هو المنهج الوصفي التحليلي من أجل تحليل ظاهرة العنف في مصر واليمن، وكذلك منهج دراسة الحالة، حيث تم تناول ظاهرة العنف كحالة واحدة في كلا النظامين، والوقوف على المحددات التي أفرزت الظاهرة وعلاقتها ببيئتها الداخلية والخارجية، وخاصة الدولة وإدارتها وسياساتها الداخلية التوزيعية، وسياستها الخارجية، ومدى تحويل هذه العلاقات إلى بيئة حاضنة للعنف السياسي. والمنهج المقارن لإجراء مقارنة ما بين الحالات التي تم اختيارها للدراسة، والظروف التي جرت فيها الثورات وإفرازات مراحلها.

خلصت الدراسة إلى عدة نتائج لأسباب تحول هذه الثورات إلى العنف السياسي من أبرزها:

1. طبيعة أنظمة الحكم في كلا البلدين؛ حيث اتسمت بالمركزية سواء بهيكليتها العسكرية أو المدنية.

2. عدم توافق الأحزاب والتنظيمات السياسية على صيغة توافقية لإدارة المرحلة الانتقالية، إضافة إلى ضعف هذه الأحزاب والتنظيمات وصراعاتها.

3. ضعف برامج التنمية الاقتصادية، وغياب العدالة التوزيعية ساعد على توسيع الفجوة بين الفقراء والأغنياء. 

كما قدمت الدراسة مجموعة من التوصيات، أبرزها:

أولاً: على جميع الأطراف الفاعلة الوصول إلى تفاهمات وآليات مشتركة، والبعد عن التناقضات والاستقطاب بكافة أشكاله، وتبني الخطاب التوافقي بدلاً من الخطاب ألاستقطابي، ومواجهة الاستقطاب والتنافر الأيديولوجي بكافة الآليات التي تحقق السلم الاجتماعي وتوفر مقوماته.

ثانياً: ضرورة تبني سياسات اقتصادية إصلاحية، وتحسين إدارة الموارد، والبدء في إجراءات إعادة توزيع الموارد على أسس عادلة تراعي العدالة الاجتماعية، وفي نفس الوقت العمل على معالجة الأزمات الاقتصادية الطارئة والمزمنة، وتحقيق التنمية الشاملة، وإشراك الشعوب في تقرير الأهداف الاقتصادية والرقابة على تنفيذها، وتبني سياسات الشفافية في إدارة وتوزيع الموارد.

ثالثاً: الحل الأمني لا يمكن أن يضعف العنف، بل على العكس هو مغذ للعنف، ولذا يجب انتهاج سياسات ديمقراطية تؤدي إلى إنجاح عملية التحول الديمقراطي مثل:

1. التعددية الحزبية؛ فوجود تعددية حزبية يسمح بالتنافس الفعلي بين الأحزاب، كما يرتبط بعملية التداول السلمي للسلطة.

2. إشاعة فنون ومبادئ الاختلاف والقبول بالرأي الآخر، وانتهاج سبل الحوار والتفاهم للتغلب على عقبات التعصب للرأي.

3. إجراء انتخابات دورية ونزيهة، لتحقيق التداول السلمي للسلطة.

4. حرية الصحافة والإعلام والحريات الدينية، وتمكين مؤسسات المجتمع المدني.

رابعاً: الفصل بين السلطات وضرورة إجراء إصلاحات على مستوى الجهاز الإداري.

وتكونت لجنة المناقشة من الدكتور رائد نعيرات مشرفاً ورئيساً، و الدكتور أيمن طلال ممتحناً خارجياً من الجامعة العربية الامريكية، و الدكتور عثمان عثمان ممتحناً داخلياً، وفي ختام المناقشة أوصت اللجنة بنجاح الطالب ومنحه درجة الماجستير بعد اجراء التعديلات.


عدد القراءات: 127