قام الباحث عبدالناصر فتحي جميل علاونة، الطالب في كلية الدراسات العليا بجامعة النجاح الوطنية، بمناقشة اطروحة الماجستير بعنوان "مبدأ عالمية النص الجنائي في التشريع الوطني دراسة مقارنة".

إن مبدأ عالمية النص الجنائي يعتبر ثمرة من ثمرات التعاون الجنائي الدولي الفعالة، حيث انه من خلاله تستطيع المحاكم الوطنية متابعة ومعاقبة مرتكبي اخطر الجرائم الدولية أو العالمية التي تقوم الدولة بتجريمها في تشريعاتها الوطنية، بغض النظر عن مكان تلك الجرائم أو جنسية مرتكبيها أو جنسية الضحايا.

وقد قام الباحث بتقسيم هذه الدراسة إلى فصلين أساسيين:

تناول في الفصل الأول ماهية مبدأ عالمية النص الجنائي، حيث تطرق الباحث إلى مفهوم هذا المبدأ من خلال تعريفه، وتوضيح الاساس القانوني الذي يقوم عليه أو الذي يستند إليه في الدول التي تتبنى هذا المبدأ؛ فإما أن يكون معاهدة دولية قامت بالمصادقة عليها الدولة،أو أن  يكون ضمن التشريع الوطني للدولة سواء كان في قانون العقوبات أو قانون الإجراءات الجزائية،أو ضمن قانون خاص يتضمن بعض الجرائم التي ينطبق عليها هذا المبدأ.

ومن ثم قام الباحث بتوضيح الجرائم التي ينطبق عليها مبدأ عالمية النص الجنائي، والتي تبين أنها يمكن أن تكون جرائم دولية خطيرة كجرائم الحرب، أو الإبادة الجماعية، أو الجرائم ضد الإنسانية، كما يمكن أن تكون جرائم عالمية اتفقت الدول على تجريمها ضمن اتفاقيات دولية فيما بينها، أو تم إدماجها ضمن تشريعها الوطني ومعاقبة من يرتكبها بغض النظر عن مكان ارتكابها أو جنسية مرتكبها أو جنسية ضحاياها؛ كالجرائم الالكترونية، وجرائم غسيل الأموال وجرائم الاتجار بالمخدرات، والاتجار بالبشر وغيرها من الجرائم.

كما قام  الباحث بتوضيح الآلية التي تتبعها الدول للالتزام بمبدأ عالمية النص الجنائي، حيث أن بعض الدول التزمت به بصفة عامة ضمن قانون العقوبات أو الإجراءات الجزائية الوطنية، كالتشريع الفلسطيني، والأردني، والفرنسي، ومن الدول من التزمت به وذلك من خلال سن قانون خاص يتبنى الأخذ بهذا المبدأ، كالتشريع البلجيكي، والاسباني، والانجليزي وغيرها.

ثم تطرق الباحث إلى الشروط التي يجب أن تتوفر لإعمال مبدأ عالمية النص الجنائي؛ فمنها شروط شكلية، كارتكاب جريمة ذات صفة دولية أو عالمية خطيرة، وان يراعي القاضي الوطني ازدواجية التجريم بالنسبة للجريمة التي تكون بصددها الدعوى بان تكون مجرمة في الإقليم الذي وقعت فيه، وكذلك مراعاة قاعدة الحكم الحائز لقوة الشيء المقضي فيه، حيث انه لا يجوز محاكمة المتهم عن جريمة مرتين، وهناك شروط موضوعية؛ كوجود المتهم على إقليم الدولة، واحترام مبدأ إما التسليم أو المحاكمة.

وقام الباحث بتوضيح الطبيعة القانونية لمبدأ عالمية النص الجنائي، حيث انه يعتبر اختصاص تكميلي أو احتياطي في بعض الحالات، وفي حالات أخرى يعتبر اختصاص أصيل للأخذ به، كما أن لهذا المبدأ الأسبقية على اختصاص المحكمة الجنائية الدولية.

أما الفصل الثاني تحدث فيه الباحث عن وجود مبدأ عالمية النص الجنائي في التشريع الفلسطيني والتشريعات المقارنة؛ فبين أن هذا المبدأ موجود في التشريع الفلسطيني في قانون العقوبات  في المادة العاشرة ألفقره الرابعة منها، وهذا معمول به في الضفة الغربية، غير أن هذا المبدأ لا وجود له في قانون العقوبات المعمول به في قطاع غزة، وذلك لاختلاف القوانين المطبقة ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة.

وأوضح الباحث أن هذا المبدأ تواجهه عقبات في التشريع الفلسطيني تتمثل في عقبات قانونية، وقضائية، وسياسية، ومادية، كما يوجد عقبات خاصة بالحالة الفلسطينية تتمثل؛ بالاحتلال الإسرائيلي باعتبارها دولة تحت الاحتلال، والانقسام السياسي ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وتعطل المجلس التشريعي .

كما بين الباحث مدى إمكانية استفادة الضحايا الفلسطينيين من هذا المبدأ لتقديم شكوى على مجرمي الحرب الإسرائيليين أمام المحاكم الأجنبية التي تأخذ بهذا المبدأ.

مع العلم بأنه يوجد بعض الدول العربية التي تتبنى هذا المبدأ كالأردن ولبنان وسوريا وغيرها من الدول، ويوجد هناك دول أوروبية تأخذ بهذا المبدأ كبلجيكا وفرنسا وانجلترا واسبانيا وغيرها من الدول.

علماً بأنه يوجد عقبات تواجه تطبيق هذا المبدأ بشكل عام؛ وهي عقبات قانونية، وقضائية، وسياسية، ومادية.

وقد خلص الباحث إلى أن تطبيق هذا المبدأ على ارض الواقع وبشكل فعال وحقيقي، يتطلب وجود دولة ديمقراطية تتمتع محاكمها الوطنية باستقلالية اتخاذ الأحكام القضائية، مع وجود إرادة سياسية لتبني هذا المبدأ في التشريع الوطني لهذه الدولة، مع توفير الإمكانيات المادية لان تطبيق هذا المبدأ والسير في إجراءاته يتطلب تكلفة مادية ضخمة، مع ضرورة التعاون ما بين الدول لتحقيق النتيجة المرجوة من هذا المبدأ؛ وهي عدم إفلات المجرمين من العقاب وتحقيق العدالة الجنائية.

وتكونت لجنة المناقشة من الدكتور نائل طه مشرفاً ورئيساً، و الدكتور عبد الله نجاجرة ممتحناً خارجياً من جامعة القدس، و الدكتور باسل منصور ممتحناً داخلياً، وفي ختام المناقشة أوصت اللجنة بنجاح الطالب ومنحه درجة الماجستير بعد اجراء التعديلات.

 

 


عدد القراءات: 290